فصل: قال الفخر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج أحمد في الزهد عن خالد الحذاء قال: كان عيسى ابن مريم إذا سرح رسله يحيون الموتى يقول لهم: قولوا كذا قولوا كذا، فإذا وجدتم قشعريرة ودمعة فادعوا عند ذلك.
وأخرج أحمد في الزهد عن ثابت قال: انطلق عيسى عليه الصلاة والسلام يزور أخًا له، فاستقبله إنسان فقال: إن أخاك قد مات. فرجع فسمع بنات أخيه برجوعه عنهن، فاتينه فقلن يا رسول الله رجوعك عنا أشد علينا من موت أبينا قال: فانطلقن فأرينني قبره، فانطلقن حتى أرينه قبره قال: فصوت به فخرج وهو أشيب فقال: ألست فلانًا...؟ قال: بلى. قال: فما الذي أرى بك؟ قال: سمعت صوتك فحسبته الصيحة.
أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون} قال: بما أكلتم الراحة من طعام، وما خبأتم منه.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: كان عيسى يقول للغلام في الكتاب: إن أهلك قد خبأوا لك كذا وكذا... فذلك قوله: {وما تدخرون}.
وأخرج ابن عساكر عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: كان عيسى ابن مريم وهو غلام يلعب مع الصبيان، فكان يقول لأحدهم: تريد أن أخبرك بما خبأت لك أمك؟ فيقول: نعم. فيقول خبأت لك كذا وكذا... فيذهب الغلام منهم إلى أمه فيقول لها: اطعميني ما خبأت لي قالت: وأي شيء خبأت لك؟ فيقول: كذا وكذا... فتقول: من أخبرك؟! فيقول: عيسى ابن مريم فقالوا: والله لئن تركتم هؤلاء الصبيان مع عيسى ليفسدنهم. فجمعوهم في بيت واغلقوا عليهم، فخرج عيسى يلتمسهم فلم يجدهم حتى سمع ضوضاءهم في بيت، فسأل عنهم فقال: يا هؤلاء كأن هؤلاء الصبيان! قالوا: لا. إنما هؤلاء قردة وخنازير قال: اللهم اجعلهم قردة وخنازير. فكانوا كذلك.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عمار بن ياسر قال: {أنبئكم بما تأكلون} من المائدة {وما تدخرون} منها، وكان أخذ عليهم في المائدة حين نزلت أن يأكلوا ولا يدخروا، وخافوا فجعلوا قردة وخنازير.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم بن أبي النجود {وما تدخرون} مثقلة بالإدغام. اهـ.

.سؤال وجواب:

فإن قال قائل: وما كان في قوله لهم: {وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم} من الحجة له على صدقه، وقد رأينا المتنجِّمة والمتكهِّنة تخبرُ بذلك كثيرًا فتصيب؟
قيل: إن المتنجِّم والمتكهِّن معلوم منهما عند من يخبرانه بذلك، أنهما ينبئان به عن استخراج له ببعض الأسباب المؤدية إلى علمه. ولم يكن ذلك كذلك من عيسى صلوات الله عليه ومن سائر أنبياء الله ورُسله، وإنما كان عيسى يخبر به عن غير استخراج، ولا طلب لمعرفته باحتيال، ولكن ابتداءً بإعلام الله إياه، من غير أصل تقدّم ذلك احتذاه، أو بنى عليه، أو فزع إليه، كما يفزَع المتنجم إلى حسابه، والمتكهن إلى رئيِّه. فذلك هو الفصل بين علم الأنبياء بالغيوب وإخبارهم عنها، وبين علم سائر المتكذِّبة على الله، أو المدَّعية علم ذلك.
فهكذا فعل الأنبياء وحججها، إنما تأتي بما أتت به من الحجج بما قد يوصل إليه ببعض الحيل، على غير الوجه الذي يأتي به غيرها، بل من الوجه الذي يعلم الخلق أنه لا يوصل إليه من ذلك الوجه بحيلة إلا من قِبَل الله. اهـ. بتصرف يسير.

.تفسير الآية رقم (50):

قوله تعالى: {وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا الله وَأَطِيعُونِ (50)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما كان ترجمة {أني قد جئتكم} آتيًا إليكم بآية كذا، مصدقًا بها لما أتيت به، عطف على الحال المقدر منه تأكيدًا لأنه عبد الله قوله: {ومصدقًا لما بين يدي} أي كان قبل إتياني إليكم {من التوراة} أي المنزلة على أخي موسى عليه الصلاة والسلام، لأن القبلية تقتضي العدم الذي هو صفة المخلوق؛ أو يعطف على {بآية} إذا جعلنا الباء للحال، لا للتعدية، أي وجئتكم مصحوبًا بآية ومصدقًا.
ولما ذكر التوراة أتبعها ما يدل على أنه ليس كمن بينه وبين موسى من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في إقرارها كلها على ما هي عليه وتحديد أمرها على ما كان زمن موسى عليه الصلاة والسلام بل هو مع تصديقها ينسخ بعضها فقال: {ولأحل} أي صدقتها لأحثكم على العمل بها ولأحل {لكم بعض الذي حرم عليكم} أي فيها تخفيفًا عليكم {وجئتكم} اية ليس مكررًا لتأكيد: {أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين} على ما توهم، بل المعنى- والله سبحانه وتعالى أعلم- أن عيسى عليه الصلاة والسلام لما أتاهم بهذه الخوارف التي من جملتها إحياء الموتى، وكان من المقرر عندهم- كما ورد في الأحاديث الصحيحة- التحذير من الدجال، وكان من المعلوم من حاله أنه يأتي بخوارق، منها إحياء ميت ويدعى الإلهية، كان من الجائز أن يكون ذلك سببًا لشبهة تعرض لبعض الناس، فختم هذا الدليل على رسالته بما هو البرهان الأعظم على عبوديته، وذلك مطابقته لما دعا إليه الأنبياء والمرسلون كلهم من إخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى فقال: وجئتكم {بآية} أي عظيمة خارقة للعادة {من} عند {ربكم} أي المحسن إليكم بعد التفرد بخلقكم، وهي أجل الأمارات وأدلها على صدقي في رسالتي، هو عدم تهمتي بوقوع شبهة في عبوديتي.
ولما تقرر بذكر الآية مرة بعد مرة مع ما أفادته من تأسيس التفصيل لأنواع الآيات تأكيد رسالته تلطيفًا لطباعهم الكثيفة، فينقطع منها ما كانت ألفته في الأزمان المتطاولة من العوائد الباطلة سبب عن ذلك ما يصرح بعبوديته أيضا فقال مبادرًا للإشارة إلى أن الأدب مع المحسن آكد والخوف منه أحق وأوجب لئلا يقطع إحسانه ويبدل امتنانه {فاتقوا الله} أي الذي له الأمر كله {وأطيعون} أي في قبولها فإن التقوى مستلزمة لطاعة الرسول. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

قد ذكرنا في قوله: {وَرَسُولًا إلى بَنِى إسرائيل أَنّى قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ} [آل عمران: 49] أن تقديره وأبعثه رسولًا إلى بني إسرائيل قائلًا {أَنّى قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ} فقوله: {وَمُصَدّقًا} معطوف عليه والتقدير: وأبعثه رسولًا إلى بني إسرائيل قائلًا {أَنّى قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ}، وإني بعثت {مُّصَدّقًا لّمَا بَيْنَ يَدَىَّ مِنَ التوراة} وإنما حسن حذف هذه الألفاظ لدلالة الكلام عليها. اهـ.

.قال القرطبي:

{بَعْضَ الذي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} يعني من الأطعمة.
قيل: إنما أحل لهم عيسى عليه السلام ما حُرّم عليهم بذنوبهم ولم يكن في التوراة، نحو أكل الشحوم وكل ذي ظفر.
وقيل: إنما أحل لهم أشياء حرّمتها عليهم الأحبار ولم تكن في التوراة محرّمة عليهم.
قال أبو عبيدة: يجوز أن يكون {بعض} بمعنى كل؛ وأنشد لِبيد:
تَرّاكُ أمْكِنَةٍ إذا لم أرضها ** أو يَرْتَبِطْ بعضَ النفوسِ حِمامُها

وهذا القول غلط عند أهل النظر من أهل اللغة؛ لأن البعض والجزء لا يكونان بمعنى الكل في هذا الموضع، لأن عيسى صلى الله عليه وسلم إنما أحل لهم أشياء مما حرّمها عليهم موسى من أكل الشحوم وغيرها ولم يحل لهم القتل ولا السرقة ولا فاحشة.
والدليل على هذا أنه روى عن قتادة أنه قال: جاءهم عيسى بألْيَن مما جاء به موسى صلَّى الله عليهما وعلى نبينا؛ لأن موسى جاءهم بتحريم الإبل وأشياءَ من الشحوم فجاءهم عيسى بتحليل بعضها.
وقرأ النَّخَعيّ {بَعْضَ الذي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} مثل كرم، أي صار حرامًا.
وقد يوضع البعض بمعنى الكل إذا انضمت إليه قرينة تدل عليه؛ كما قال الشاعر:
أبا مُنْذِرٍ أفْنَيْتَ فاستبقِ بعضَنا ** حَنَانَيْك بعضُ الشر أهْوَنُ من بعِض

يريد بعض الشر أهون من كله. اهـ.

.قال الألوسي:

{بَعْضَ الذي حُرّمَ عَلَيْكُمْ} أي في شريعة موسى عليه السلام. أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع أنه قال: كان الذي جاء به عيسى ألين مما جاء به موسى عليهما السلام وكان قد حرم عليهما فيما جاء به موسى عليه السلام لحوم الإبل والثروب فأحلها لهم على لسان عيسى وحرمت عليهم شحوم الإبل فأحلت لهم فيما جاء به عيسى، وفي أشياء من السمك، وفي أشياء من الطير مما لا صيصية له، وفي أشياء أخر حرمها عليهم وشدد عليهم فيها فجاء عيسى بالتخفيف منه في الإنجيل.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة مثله، وهذا يدل على أن الإنجيل مشتمل على أحكام تغاير ما في التوراة وأن شريعة عيسى نسخت بعض شريعة موسى، ولا يخل ذلك بكونه مصدقًا للتوراة فإن النسخ بيأن لانتهاء زمان الحكم الأول لا رفع وإبطال كما تقرر، وهذا مثل نسخ القرآن بعضه ببعض، وذهب بعضهم إلى أن الإنجيل لم يخص أحكامًا ولا حوى حلالًا وحرامًا ولكنه رموز وأمثال ومواعظ وزواجر، وما سوى ذلك من الشرائع والأحكام فمحالة على التوراة، وإلى أن عيسى عليه السلام لم ينسخ شيئًا مما في التوراة، وكان يسبت ويصلي نحو البيت المقدس، ويحرم لحم الخنزير، ويقول بالختان إلا أن النصارى غيروا ذلك بعد رفعه فاتخذوا يوم الأحد بدل يوم السبت لما أنه أول يوم الأسبوع ومبدأ الفيض، وصلوا نحو المشرق لما تقدم، وحملوا الختان على ختان القلب وقطعه عن العلائق الدنيوية والعوائق عن الحضرة الإلهية وأحلوا لحم الخنزير مع أن مرقس حكى في إنجيله أن المسيح أتلف الخنزير وغرق منه في البحر قطيعًا كبيرًا وقال لتلامذته: لا تعطوا القدس الكلاب ولا تلقوا جواهركم قدام الخنازير فقرنها بالكلاب، وسبب ذلك زعمهم أن بطرس رأى في النوم صحيفة نزلت من السماء، وفيها صور الحيوانات وصورة الخنزير وقيل له: يا بطرس كل منها ما أحببت ونسب هذا القول إلى وهب بن منبه، والذاهبون إليه أولوا الآية بأن المراد ما حرمه علماؤهم تشهيًا أو خطأ في الاجتهاد، واستدلوا على ذلك بأن المسيح عليه السلام قال في الإنجيل: ما جئت لأبطل التوراة بل جئت لأكملها، ولا يخفى أن تأويل الآية بما أولوه به بعيد في نفسه، ويزيده بعدًا أنه قرئ حرم بالبناء للفاعل وهو ضمير ما {بَيْنَ يَدَىِ} أو الله تعالى، وقرئ أيضا حرم بوزن كرم، وأن ما ذكروه من كلام المسيح عليه السلام لا ينافي النسخ لما علمت أنه ليس بإبطال وإنما هو بيأن لانتهاء الحكم الأول، ومعنى التكميل ضم السياسة الباطنة التي جاء بها إلى السياسة الظاهرة التي جاء بها موسى عليه السلام على ما قيل أو نسخ بعض أحكام التوراة بأحكام هي أوفق بالحكمة وأولى بالمصلحة وأنسب بالزمان، وعلى هذا يكون قول المسيح حجة للأولين لا عليهم، ولعل ما ذهبوا إليه هو المعول عليه كما لا يخفى على ذوي العرفان. اهـ.

.قال الفخر:

إنه يجب على كل نبي أن يكون مصدقًا لجميع الأنبياء عليهم السلام، لأن الطريق إلى ثبوت نبوتهم هو المعجزة، فكل من حصل له المعجز، وجب الاعتراف بنبوته، فلهذا قلنا: بأن عيسى عليه السلام يجب أن يكون مصدقًا لموسى بالتوراة، ولعلّ من جملة الأغراض في بعثة عيسى عليه السلام إليهم تقرير التوراة وإزالة شبهات المنكرين وتحريفات الجاهلين.
وأما المقصود الثاني: من بعثة عيسى عليه السلام قوله: {وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الذي حُرّمَ عَلَيْكُمْ}.
وفيه سؤال: وهو أنه يقال: هذه الآية الأخيرة مناقضة لما قبلها لأن هذه الآية الأخيرة صريحة في أنه جاء ليحل بعد الذي كان محرمًا عليه في التوراة، وهذا يقتضي أن يكون حكمه بخلاف حكم التوراة، وهذا يناقض قوله: {وَمُصَدّقًا لّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التوراة}.
والجواب: أنه لا تناقض بين الكلام، وذلك لأن التصديق بالتوراة لا معنى له إلا اعتقاد أن كل ما فيها فهو حق وصواب، وإذا لم يكن الثاني مذكورًا في التوراة لم يكن حكم عيسى بتحليل ما كان محرمًا فيها، مناقضًا لكونه مصدقًا بالتوراة، وأيضا إذا كانت البشارة بعيسى عليه السلام موجودة في التوراة لم يكن مجيء عيسى عليه السلام وشرعه مناقضًا للتوراة، ثم اختلفوا فقال بعضهم: أنه عليه السلام ما غير شيئًا من أحكام التوراة، قال وهب بن منبه: إن عيسى عليه السلام كان على شريعة موسى عليه السلام كان يقرر السبت ويستقبل بيت المقدس، ثم أنه فسّر قوله: {وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الذي حُرّمَ عَلَيْكُمْ} بأمرين أحدهما: إن الأحبار كانوا قد وضعوا من عند أنفسهم شرائع باطلة ونسبوها إلى موسى، فجاء عيسى عليه السلام ورفعها وأبطلها وأعاد الأمر إلى ما كان في زمن موسى عليه السلام.
والثاني: أن الله تعالى كان قد حرم بعض الأشياء على اليهود عقوبة لهم على بعض ما صدر عنهم من الجنايات كما قال الله تعالى: {فَبِظُلْمٍ مّنَ الذين هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طيبات أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء: 160] ثم بقي ذلك التحريم مستمرًا على اليهود فجاء عيسى عليه السلام ورفع تلك التشديدات عنهم، وقال آخرون: إن عيسى عليه السلام رفع كثيرًا من أحكام التوراة، ولم يكن ذلك قادحًا في كونه مصدقًا بالتوراة على ما بيناه ورفع السبت ووضع الأحد قائمًا مقامه وكان محقًا في كل ما عمل لما بينا أن الناسخ والمنسوخ كلاهما حق وصدق. اهـ.

.فوائد بلاغية:

قال في صفوة التفاسير:
البلاغة:
1- {وإذ قالت الملائكة} أطلق الملائكة وأريد به جبريل فهو من باب تسمية الخاص بإسم العام تعظيما له ويسمى المجاز المرسل.
2- {اصطفاك وطهرك واصطفاك} تكرر لفظ {اصطفاك} كما تكرر لفظ {مريم} وهذا من باب الإطناب.
3- {ولم يمسسنى بشر} كنى عن الجماع بالمس، كما كنى عنه بالحرث واللباس والمباشرة، وكل ذلك لتعليمنا الأدب في التعبير.
4- {ولأحل لكم بعض الذي حرم} بين لفظ {أحل} و{حرم} من المحسنات البديعية الطباق، كما ورد الحذف في عدة مواضع، والإطناب في عدة مواضع. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قوله: {وَلأُحِلَّ} فيه أوجُهٌ:
أحدها: أنه معطوف على معنى {مُصَدِّقًا} إذ المعنى: جئتكم لأصَدِّقَ ما بين يديَّ ولأحِلَّ لكم، ومثله من الكلام: جئته مُعْتَذِرًا إليه ولأجْتَلِبَ رِضاهُ- أي: دئت لأعتذر ولأجتلب- كذا قال الواحديُّ، وفيه نظرٌ؛ لأن المعطوف عليه حال، وهذا تعليلٌ.
قال أبو حيّان:- بعد أن ذكر هذا الوَجْهَ-: وهذا هو العطف على التوهُّم وليس هذا منه؛ لأن معقولية الحال مخالفة لمعقوليَّة التعليلِ، والعطف على التوهُّم لابد أن يكون المعنى مُتَّحِدًا في المعطوف والمعطوف عليه، ألا ترى إلى قوله تعالى: {فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن} [المنافقون: 10] كيف اتحد المعنى من حيث الصلاحية لجواب التحضيض.